للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ق ١٦] معارضة وجوابها

قال صاحب الاستفتاء: «ما ظُنَّ أن نفع القرض ربًا حقيقة، وداخل في نص القرآن، وهو أمر بديهي لا يحتاج إلى البيان= مدفوع بأنه لو كان أمرًا بديهيًّا لا يمكن أن يخفى على الأئمة والفقهاء دخولُ هذا النفع في نص القرآن، ولم يحتاجوا إلى الاستدلال عليه بالحديث الضعيف تارةً، وبالقياس على ربا البيع تارةً، وبالقياس على ربا الجاهلية مرةً، وبالآثار حينًا. وكذلك ما يختارون في حدّه ومسائلِه يعارض هذه الدعوى، فهذا كله دليل على أنه ليس بمندرج في نص القرآن عندهم. ويؤيده أيضًا عدمُ ورود النقل عن واحدٍ من الأئمة بأن هذا النفع هو ربًا منصوص».

أقول: أما كون الزيادة المشروطة في القرض ربًا حقيقةً وداخلًا في نصّ القرآن فقد سبق بيانه. وأما كون ذلك أمرًا بديهيًّا فلعمري إنه عند عوام المسلمين وطلبة العلم وأكثر أهل العلم لكذلك، ومن تشكك منهم قبل صاحب الاستفتاء وأضرابه من أهل العصر فلم يتشكك في أنه ربًا حقيقة داخل في نص القرآن معنًى، وإنما تشكك في دخوله في نصّ القرآن لفظًا. وإنما حمله على هذا التشكيك ما قاله زيد بن أسلم ورُوي عن غيره في ربا الجاهلية، وقد تقدم توجيهه. فزعم الكاساني (١) أنه مقيسٌ على ربا البيع، كأنه لم يقرأ القرآن فيعلم أن الربا الذي فيه غير البيع. وزعم ابن رشد (٢) أنه مقيسٌ على ربا الدين الذي فسَّره زيد بن أسلم وغيره، ولو أمعن النظر لتبيَّن


(١) في «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٩٥).
(٢) في «المقدمات الممهدات» (٣/ ١٤٩).