للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال: أما الدلالة الظنية من القرآن فقد قام الدليل على خروجها من ذلك العموم.

قلنا: وكذلك خبر الواحد قد ذكر أهل العلم عدة حجج على وجوب العمل به، وذكرنا بعض الحجج كما مر.

ومن الأجوبة: أن العمل بخبر الواحد ليس عملًا به من حيث هو خبر واحد، ولا من حيث إنه يفيد الظن، بل من حيث إن الشارع أمر بالعمل به، وذاك الأمر ثابت قطعًا بما ذكره أهل العلم من الحجج، وما قدّمتُه منها، فالعمل به اتباع للحق المقطوع به لا للظن.

وكذلك نقول في جميع الأدلة التي تفيد الظن وقام الدليل القاطع على وجوب العمل بها.

أوَلا ترى أنه إذا اعترف رجل بالغ عاقل مختار عند القاضي، ولم يكن هناك ما يدل على بطلان اعترافه ولا صحته، فقضى عليه بمجرد اعترافه؛ فقد قضى بما أنزل الله قطعًا؛ لأن وجوب الحكم بالاعتراف مقطوع به، وإن كان الاعتراف لا يفيد إلا الظن. وهكذا إذا قضى بشهادة شاهدين بشرطهما.

وعن ذلك صاروا إلى أن أصول الفقه قطعية، والأمر كذلك، إلا أن من الأصول ما يكون فرعًا لأصلٍ أعلى منه، فيكفي القطع للأصل الأعلى.

شبهة ثالثة:

عرف جماعة من العقلاء أن الطعن في وجوب العمل بخبر الواحد المستجمع للشروط مكابرة لا تُجدِي، فعدلوا إلى دعوى أن عامة الأخبار المروية عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بطرق الآحاد غير مستجمعةٍ للشروط.