الآيات في هذه المواضع وأمثالها مسوقة لإقامة الحجة على المشركين الذين يتخذون من دون الله تعالى وبغير سلطان منه أولياء يعبدونهم، أي يخضعون لهم طلبًا للنفع الغيبي. فالقرآن يبيِّن أن مناط استحقاق العبادة أن يكون المعبود مالكًا للتدبير الغيبي، قادرًا مختارًا أن ينفع به ويضر كما يشاء، لا على وجه الطاعة منه لمن هو أعلى منه، ولا مفتقرًا إلى إذن خاص ممن هو أعلى منه. فإن هذا المالك هو الذي يكون خضوعُ مَن دونه له سببًا لأن ينفعه، وإعراضُه عنه مظنةً أن يضرَّه، فحينئذ يحق لمن دونه أن يخضع له. فأما من ليس كذلك فلا يمكن أن ينال من دونه منه نفع ولا ضر. نعم، إن الله عز وجل يأمر الملائكة بما يريد فيفعلونه، ويأذن لهم في الشفاعة لمن يحب فيشفعون. وهم كما قال تعالى: {عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا