للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مفاسد الربا]

تمهيد

المقصود من شرع الأحكام تطبيق العدل، ولكن الجزئيات لا تحصى ولا تتناهى، والحكمة المقتضية للحكم تختلف في الجزئيات، فتخفى في بعضها، وتظهر في أخر، [وتشتدُّ في بعضها، وتخِفُّ في أخر،] ولا ينضبط مقدارها.

مثال ذلك: الزنا، فإنه جرم يوجب العقوبة، ولكنه يكون تارة جرمًا شديدًا جدًّا، وتارة يكون أخفَّ.

فرجل شائب ضعيف الشهوة غني عَمَدَ إلى امرأة قبيحة لا يحبها، فسعى بعدها حتى زنى بها.

وآخر شابٌّ قوي الشهوة فقير، لا يجد من يُزوِّجه، عشق امرأة جميلة، فكان يتجنب لقاءها، فاتفق أن صادفها في مكان خالٍ، فلم يصبر أن وقع عليها.

فبين الجرمين بون بعيد، وبينهما درجات لا تحصى، وهكذا يزداد الاختلاف إذا نظرنا إلى ما ينشأ عن الزنا من إفساد المرأة، وإسقاط شرفها، وإلحاق العار بأهلها، وتضييع الولد، وما يخشى من انتشار الزنا في الناس، وغير ذلك.

فلو كُلِّف عاقل سَنَّ عقوبةٍ للزنا كان أمامه أربع طرق:

الأولى: أن يفصِّل القانون تفصيلًا بعدد ما يمكن من اختلاف الجزئيات.