صح أنه من أبناء فارس لم يمنع ذلك أن يكون تنصَّر أحد آبائه، وقد كان سلمان الفارسي نصرانيًّا، وفي قصته أنه كان في بلاد فارس دعاةٌ إلى النصرانية. وأيًّا ما كان فالحرص على إثبات شيء مما يتعلق بذاك الاختلاف لا يليق بأهل العلم، وقد قال الله تبارك وتعالى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٦ - ٣٩].
٢٦٩ - أبو الأخنس الكناني:
في «تاريخ بغداد»(١٣/ ٣٧٥ [٣٨١ - ٣٨٢]) من طريق «أحمد بن علي الأ بَّار، حدثنا منصور بن أبي مزاحم، حدثني أبو الأخنس الكناني قال: رأيت أبا حنيفة ــ أو حدثني الثقة أنه رأى أبا حنيفة ــ آخذًا بزمام بعير مولاة للجهم قدمت [من] خراسان يقود جملها بظهر الكوفة».
قال الأستاذ (ص ٥٠): «الراوي عن أبي حنيفة في هذه الحكاية مغفَّل لا يدري هل رأى أبا حنيفة أو سمع من رآه».
[١/ ٥١٠] أقول: الظاهر أن الشك ممن بعده، وأبو الأخنس هذا اسمه بكير كما ذكره الدولابي الحنفي في «الكنى»(ج ١ ص ١١٧) وساق إلى «معاوية بن صالح قال: ثنا منصور ابن أبي مزاحم قال: ثنا أبو الأخنس بكير الكناني ... ». وقد تعدّدت الحكايات في شأن أبي حنيفة وامرأة جهمية، واختلفت في نسبتها إلى جهم، ففي بعضها أنها امرأة جهم، وفي بعضها أنها مولاته، وفي بعضها أنها امرأة كانت تجالسه. والله أعلم.