للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

[اختصاص "الرحمن" بالله تبارك وتعالى]

اشتهر بين أهل العلم أنَّ "الرحمن" مختصٌّ بالله تبارك وتعالى، فاعتُرض بإطلاق أهل اليمامة على مسيلمة، فأجيب بأنَّ ذاك من تعنُّتهم في كفرهم، فتوهَّم بعضُ الناس أنَّ معنى الاختصاص أنَّ الله تعالى منع بقدرته التسمِّيَ فلا يستطاع أن يسمَّى به غيرُه، كما قيل به في "الله".

وتوهَّم غيرُه أنَّ المعنى أنه لم يُطلَق في لغة العرب على غيره، فاعترضوا ذاك الجواب وطوَّلوا. وإنما معنى الاختصاص ما قاله ابن جرير (١): "لله جلَّ ذِكرُه أسماءٌ قد حرَّم على خلقه أن يتسمَّوا بها، خصَّ بها نفسه دونهم، وذلك مثل الله والرحمن والخالق. وأسماءٌ أباح لهم أن يسمِّي بعضهم بعضًا بها، وذلك كالرحيم والسميع والبصير ... ".

وقد كان ذلك محرَّمًا قبل بعثة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - بما قام على الناس من الحجة وبلغهم من شرائع الأنبياء من وجوب تعظيم الربِّ عزَّ وجلَّ والتأدُّب مع أسمائه وصفاته. فقد علم أهل اليمامة أنَّ "الرحمن" اسم لله عزَّ وجلَّ، وأنه لم يتسمَّ به غيرُه ممن سبق، فصار بذلك مختصًّا به. فإقدامُهم مع ذلك على التسمية به مخالفٌ لما قامت عليهم الحجةُ به من وجوب تعظيم الله عزَّ وجلَّ. فذاك معنى التعنُّت في كفرهم.


(١) في "تفسيره" (١/ ١٣٣).