للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحاصله أن يرتاض الإنسان برياضةٍ مخصوصةٍ، بالمواظبة على جمع فِكْرِهِ في نقطةٍ يحدِّق ببصره إليها، فبعد مُدَّةٍ تحصل له قوَّة التنويم، بأن يحدِّق بعينيه إلى إنسان ويتحرَّك حركاتٍ مخصوصةٍ، فلا يلبث المنظور إليه أن يصيبه ذهول وتشنُّجٌ، ثم يسقط مغشيًّا عليه.

وتكون للمنوِّم سلطةٌ على النَّائم بأن يسأله فيجيب وهو لا يشعر، ويحسُّ الأطبّاء نبْضَه ويختبرونه فيعلمون أنَّه لا يزال نائمًا رغمًا عن قيامه وكلامه وفعله.

وقد تزداد القوَّة إلى حدِّ أنَّه يبقى سلطان المنوِّم على ذاك الشَّخص حتى بعد إفاقته ولو بمدَّة.

هذا والمشهور في قوَّة الإصابة بالعين أنَّها تكون طبيعيَّة لبعض النَّاس، ولكن قد تكون مكتسبةً، إمَّا بغير اختيار كما يقول الناس: إنَّ من نشأ يتيمًا محتاجًا يرى الأشياء التي تشهيها نفسه فلا يصل إليها ينشأ معيانًا. وإمَّا باختيار.

ففي «شرح المقاصد» (١): [«يكون لبعض النفوس خاصية أنها إذا استحسنت شيئا لحقته الآفة فثبوتها يكاد يجري مجرى المشاهدات التي لا تفتقر إلى حجة وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العين حق»، وقال: «العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر» (٢).


(١) (٢/ ٢٧٠).
(٢) أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٦/ ٤٠٧) وأبو نعيم في «الحلية» (٧/ ٩٠) وغيرهما، من طريق معاوية بن هشام القصار عن الثوري عن ابن المنكدر عن جابر مرفوعًا به. وقد حسَّنه الألباني في «الصحيحة» (١٢٤٩).