للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما أراد أن اليهود عملوا بعضَ النهار، والنصارى بعضَه، وعملنا باقيه. فذَكَر نصف النهار والعصر تمثيلًا لذلك البعض، لا تحديدًا. والله أعلم (١).

* * * *

حديث «الصحيحين» (٢): «أسرعُكنَّ لحوقًا بي أطولُكُنَّ يدًا».

قال الحافظ في «الفتح» (٣): «وفيه جواز إطلاق اللفظ المشترك بين الحقيقة والمجاز بغير قرينة ــ وهو لفظ «أطولكنّ» ــ إذا لم يكن محذور.

قال الزين بن المنيِّر: لمّا كان السؤال عن آجالٍ مقدّرة لا تُعْلَم إلا بالوحي، أجابهنّ بلفظ غير صريح، وأحالهنّ على ما لا يتبين إلا بأَخرة، وساغ ذلك لكونه ليس من الأحكام التكليفية.

وفيه أن من حَمَل الكلام على ظاهره وحقيقته لم يُلَم، وإن كان مراد المتكلم مجازه؛ لأنّ نسوة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حملن «أطولكن يدًا» على الحقيقة فلم ينكر عليهن». (ج ٣ /ص ١٨٥).

أقول: يظهر لي أنّ «أطولكنّ يدًا» حقيقة عرفية في كثرة الصدقة.

وههنا قرينتان تدلَّان على إرادة كثرة الصدقة:

الأولى: تخصيصه اليد، ولو أراد الطول الحسّي لكان الظاهر أن يقول: «أطولكن»؛ إذ قد عُلم أن طول اليد لا يكون إلا مع طول القامة.


(١) مجموع [٤٧١١].
(٢) البخاري (١٤٢٠) ومسلم (٢٤٥٢) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) (٣/ ٢٨٨) ط. السلفية.