وقد أخذت الدائرة بنصيبٍ من سائر العلوم؛ كاللغة والنحو والفلسفة والرياضيات والتاريخ، ولكن إذا كان في طبع مؤلفات أسلافنا في هذه العلوم ونحوها حفظ ونشر لأعمال نوابغ الإسلام؛ ففي طبع كتب الحديث والرجال فوق ذلك حفظ ونشر للإسلام نفسه.
على أنّ حاجة التاريخ إلى معرفة أحوال ناقلي الوقائع التاريخية أشدّ من حاجة الحديث إلى ذلك، فإنّ الكذب والتساهل في التاريخ أكثر، بل إنّ معرفة أحوال الرجال هي من أهم أنواع التاريخ، والعلومُ الدينية والتاريخية أَوْلَى العلوم بالحفظ؛ لأنّه إذا ضاع منها شيء لم يمكن تداركه بعد ختم النبوّة.
وأمّا العلوم الأخرى فليست كذلك؛ لأنّها نتيجة العقول والتجارب، فإذا ضاع منها شيء يمكن استنتاجه ثانيًا، وهكذا.
ولن تزال الدائرة إن ــ شاء الله تعالى ــ مُجِدّة في سعيها، مستمرة في عملها، معتمدة على فضل الله تبارك وتعالى، وحسن توفيقه، ثمّ على عناية صاحب الجلالة السلطان ــ سلطان العلوم ــ السلطان مير عثمان علي خان بهادر ــ حفظه الله ــ، كشأنه دائمًا في العناية بالدائرة وبغيرها من معاهد العلم التي عُمِرت بها البلاد وحييت بها العباد.