للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرطية لفرض الممتنع وما قرب منه.

ويؤيده أيضًا أنه لو كان المراد: «وإن خفتم أن لا يقع منكم العدل الكامل» لما بقي لقوله: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} معنًى، لأن العدل الكامل ممتنع كما دلَّ عليه قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا ... } الآية، فإن المراد بالعدل فيها العدل الكامل، وهاك تقرير ذلك:

قال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا .... (١٢٨) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٢٨ - ١٢٩].

قوله: {تَعْدِلُوا} فعل في سياق النفي، فهو من هذه الجهة يصدُق بالخفيف والشديد، ولكن هنا أدلة أن المراد: عدلًا كاملًا.

الدليل الأول: الحسّ والمشاهدة، فإننا نعلم أن الرجل يستطيع أن يعدِل أنواعًا من العدل بين ألف زوجة، فضلًا عن ثنتين أو ثلاث أو أربع، وذلك كأن يقسم بينهن تمرًا أو نحوه مرةً واحدةً أو مرتين أو مرارًا. وقد تقرر في الأصول أن النصّ الشرعي إذا كان بظاهره مخالفًا للواقع وجبَ تقدير ما يجعله مطابقًا له.

الدليل الثاني: الأوامر [القاضية] (١) بالعدل بين الزوجات، ومنها قوله في هذه الآية نفسها: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}


(١) هنا كلمة مطموسة ولعلها ما أثبتناه.