صلاة من خلفه إذا لم يقرأ. وقال: هذا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وأصحابه، والتابعون، وهذا مالك في أهل الحجاز، وهذا الثوري في أهل العراق، وهذا الأوزاعي في أهل الشام، وهذا الليث في أهل مصر؛ ما قالوا لرجل صلّى وقرأ إمامه ولم يقرأ هو: صلاته باطلة. انتهى).
أقول: سيأتي الكلام على حديث ابن أُكيمة في المسألة الرابعة إن شاء الله تعالى، وهناك يتضح لك أنه إن صحَّ فليس فيه النهي عن قراءة الفاتحة، وأنه لو دلَّ على ذلك لكان إما منسوخًا وإما مطَّرحًا؛ لمعارضته ما هو أرجح منه.
وننبِّه هاهنا أنه لو صحَّ ودلَّ على نهي المأموم عن قراءة الفاتحة، ولم يكن منسوخًا ولا مطَّرحًا لما لزم من ذلك نسخ ركنية الفاتحة مطلقًا؛ بل تبقى على ركنيتها، ولكن يكفي المأمومَ فاتحةُ إمامه؛ كما يقول الحنفية في مطلق القراءة.
وأما الإجماع المزعوم فسيأتي نقضه في المسألة الرابعة إن شاء الله تعالى، ولو ثبت لما لزم منه نسخ الركنية؛ بل غايته الدلالة على أنَّ فاتحة الإمام تكفي المأمومَ في الجهرية؛ كما يقوله الحنفية في القراءة أيضًا.
ثم قال الشارح في ذلك الباب:(وإذا ثبت أنَّ صلاة من لم يقرأ خلف إمامه في الجهرية لم تبطل، فعُلِم به أنَّ الفاتحة ليست بركن؛ لأنها لو كانت ركنًا لبطل صلاة من لم يقرأ في الجهرية أيضًا؛ لأنَّ الجهرية والسريَّة سواء في حق الركن. وإذا لم تبق الفاتحة على ركنيتها فلا تجوز قراءتها خلف الإمام مطلقًا؛ لأن قراءتها خلف الإمام كانت مبنية على الركنية؛ كما هو مصرَّحٌ في حديث عبادة).