للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاقلة سيده. أما عاقلة العبد، فلأنه ما دام عبدًا في معنى الأجنبي عنهم. وأما عاقلة سيده، فلأنهم يقولون: القاتل المطالَب هو العبد، ولا شأنَ لنا به، ولا نقوم دونه.

الثانية: أن يقتل حرٌّ عبدًا، فقيل: إذا كان عمدًا ثبت القوَد. وقيل: لا قودَ بحال، لأن هذا ليس من مظنة الفتنة، فإن سيد العبد لا يهمُّه أن يأخذ بثأر عبده، وإنما يهمُّه أن يأخذ مالًا يستعيض به منه. فأما إذا كان خطأ محضًا أو شبهَ عمد، فلا قود اتفاقًا، وإنما يجب المال.

واختلفوا في الواجب، فقال قوم: الواجب قيمة العبد بالغةً ما بلغتْ، لأن سيده يستحق ما يعادل ما فاته، ومقدارُ ذلك معروف وهو القيمة، كما لو كان المقتول فرسًا. وإلى هذا رجع أبو يوسف، وهو قول الشافعي وغيره.

وقيل: الواجب دية، لكن مقدارها هو القيمة بشرط أن لا تساوي ديةَ الحرِّ ولا تزيد عليها. فإن ساوت أو زادت لم يجب إلا دون دية الحر بعشرة. وهذا قول أبي حنيفة، ولا يخفى ما فيه.

ثم اختلفوا في تغريم العاقلة، فقال قوم: ليس عليها شيء لأنه إن كان الواجب قيمةَ العبد (١) فكما لو كان المقتول فرسًا. وإن كان ديةً فليس من شأن سيد العبد أن يطلب دم القاتل، فيكونَ ذلك من مثار تعصب عاقلته. وقال أبو حنيفة: تُغْرَم (٢) العاقلة. احتج مخالفوه بما روي عن الشعبي: «لا تعقل العاقلة عمدًا ولا عبدًا ولا صلحًا ولا اعترافًا». فقال أبو حنيفة: إنما معنى هذا وارد في المسألة الأولى، وهي أن يكون العبد هو القاتل، فردَّه


(١) «العبد» ساقطة من (ط)، والاستدراك من المخطوط.
(٢) (ط): «تلزم». والمثبت من المخطوط.