للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو يورد عليها وما يمكن أن يدفع به ذلك الإيراد ويمعن في ذلك ويتحفظ، ثم يجيء إلى أبي يوسف أو غيره ويناظر في تلك المسألة. وعرف أبو يوسف هذا، فأمر أصحابه أن يبدروه فيسألوه عن مسألة؛ لأنه يغلب أنه لم يكن استعدَّ لها فينقطع. وعرف هو من نفسه هذا، فبدرهم. فكأنه لما سأله رفيق الشافعي عن مسألة القهقهة وأورد عليه ما أورد، اجتمع عليه حرجُ الموقف وعدمُ استعداده، فاعتصم بالفرار.

وأما من يحتجّ بالمرسل، فذلك إذا كان الإرسال ممن لا يرسل إلا عن ثقة، وليس حديث القهقهة من ذاك؛ فقد وُصِفَ الذي أرسله بأنه كان ممن يصدِّق كلَّ أحد.

وأما الجماعة الذين طعن فيهم الأستاذ، فتراجمهم في مواضعها. فأما محمد بن سعد العوفي، فقد ذكروا أن الحاكم حكى عن الدارقطني أنه لا بأس به. وقال الخطيب: «كان لينًا في الحديث». وعلق الأستاذ على «مناقب أبي حنيفة» للذهبي (ص ٢٨ - ٢٩): «قال الخطيب: أخبرنا ابن رزق، حدثنا أحمد بن علي بن عمرو (١) بن حبيش الرازي، سمعت محمد بن أحمد بن عصام يقول: سمعت محمد بن سعد العوفي يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كان أبو حنيفة ثقة، لا يحدِّث إلَّا ما يحفظه، ولا يحدِّث بما لا يحفظه». قال الأستاذ: «وهذا يقضي على من يرميه بقلة الضبط». وقد تكلم الأستاذ في رواية الخطيب عن محمد بن أحمد بن رزق، وأشار إلى ذلك هنا كما مرّ، ولا أدري ما يقول في محمد بن عصام، فجعل الأستاذ هذه


(١) كذا في (ط) تبعًا لما في تعليق الكوثري والصواب «عُمر» كما في «تاريخ بغداد» و «تاريخ الذهبي».