للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا أمر معروف عند أهل الفن لا يخفى على الكوثري.

فأما «مستدرك الحاكم»، فحدِّث عنه ولا حرج، فإن في «مستدركه» كثيرًا من الرواة التالفين، وجماعةٌ منهم قد قطع هو نفسُه بضعفهم الشديد. وسيأتي بسط ذلك في ترجمته (١)، فإن الأستاذ حطَّ عليه حيث خالفه، ثم عاد يحتجّ به هنا!

وأما مَسْلمة بن قاسم، فقد جعل الله لكل شيءٍ قدرًا. حدُّه أن يُقبل منه توثيقُ من لم يجرحه من هو أجلُّ منه ونحو ذلك، فأما أن يعارَض بقوله نصوصُ جمهور الأئمة، فهذا لا يقوله عاقل.

وأما قضية القهقهة، فتراها في ترجمة اللؤلؤي من «لسان الميزان» (٢) ولا يرتاب مُطَّلِع أن اللؤلؤي إنما ولّى دبره خشية أن يرد عليه ما لا قبل له به، إذ قد كان يمكنه أن يجيب بهذا العذر الذي ذكره الكوثري، ثم ينظر ما يرد عليه. على أنه يعلم أن هذا العذر باطل، فإن أهل الرأي يردُّون بالقياس النصوص الصحيحة الثابتة، فكيف يتقون أن يخوضوا فيه في مقابل مثل [١/ ٤٤٥] هذا الحديث؟ !

وجاء أن اللؤلؤي لما ولي القضاء لم يدر كيف يقضي! وذكر الحنفية أنه كان يُثْقِل على أبي يوسف بالمناظرة، فقال أبو يوسف لأصحابه: إذا جاء فابدروه بالمسألة، فجاء فلم يستتمَّ السلام حتى قال: ما تقول في كذا؟ خاف أن يبدروه بالمسألة، فبدرهم! يؤخذ من هذا أنه كان ضعيف البديهة، بطيء الإدراك، فكان يطيل الفكر في بيته في بعض المسائل وما يمكن أن يقال فيها


(١) رقم (٢١٥).
(٢) (٣/ ٤٨ - ٤٩).