«قال الحافظ أبو عبد الله [بن](١) الأخرم: استعان بي السرَّاج في تخريجه على «صحيح مسلم» فكنت أتحيَّر من كثرة حديثه وحسن أصوله، وكان إذا وجد الخبر عاليًا يقول: لا بد أن نكتبه (يعني في المستخرج) فأقول: ليس من شرط صاحبنا (يعني مسلمًا)[فيقول]: فشفعني فيه». فعرض للحاكم نحو هذا كلما وجد عنده حديثًا يفرح بعلوه أو غرابته اشتهى أن يثبته في «المستدرك».
الثالث: أنه لأجل السببين الأولين، ولكي يخفِّف عن نفسه من التعب في البحث والنظر، لم يلتزم أن لا يخرج ما له علة. وأشار إلى ذلك، قال في الخطبة:«سألني جماعة ... أن أجمع كتابًا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج بمثلها، إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له، فإنهما رحمهما الله لم يدعيا ذلك لأنفسهما». ولم يصب في هذا، فإن الشيخين ملتزمان أن لا يخرجا إلا ما غلب على ظنهما بعد النظر والبحث والتدبر أنه ليس له علة [١/ ٤٥٨] قادحة. وظاهر كلامه أنه لم يلتفت إلى العلل البتة، وأنه يخرج ما كان رجاله مثل رجالهما، وإن لم يغلب على ظنه أنه ليس له علة قادحة.
الرابع: أنه لأجل السببين الأولين توسّع في معنى قوله: «بأسانيد يحتج ... بمثلها»، فبنى على أن في رجال «الصحيحين» مَنْ فيه كلام، فأخرج عن جماعة يعلم أنَّ فيهم كلامًا. ومحل التوسُّع أن الشيخين إنما يخرجان لمن فيه كلام في مواضع معروفة:
أحدها: أن يؤدّي اجتهادهما إلى أن ذاك الكلام لا يضرُّه في روايته البتة،