للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٧)

[ل ٩] الحمد لله مستوجبِ الحمد والعبادة، المتابعِ لأهل طاعته إعانتَه وإمدادَه. وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ مخلصٍ له بالوحدانية حقَّ الشهادة. وأشهد أنَّ سيِّدنا محمدًا (١) عبده ونبيُّه ورسولُه، الذي هدى به عبادَه. اللهمَّ فصلِّ على حبيبك محمدٍ، وعلى آله وصحبه، ومَن اتَّبعَ رشادَه.

أما بعد ــ عبادَ الله ــ فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، فإنها جماعُ الخير ومِلاكُ السعادة. وإياكم ومعصيتَه فإنَّها سببُ الحرمان من الحسنى وزيادة.

فتفكَّرْ ابنَ آدم في لطفِ الله بك ورحمتِه: كيف أنشأك من التراب والماء إلى النبات، إلى الثمر، إلى الكَيْمُوس، إلى الدم، إلى النطفة، إلى العلقة، إلى المضغة، إلى كمال الصورة، إلى نفخ الروح. يغذوك في بطن أمِّك ولا تشعر، ويسلُك له الهواءَ ولا تعرف، حتى ألقاك طفلًا حيًّا، بعد أن شَقَّ حواسَّك الظاهرة والباطنة، وهيَّأكَ لمعرفة الأمور الكامنة، فألقى عليك في قلوب أبويك الشفقة، فربَّياك خير تربية. فكيف كان غذاؤك (٢) في بطن أمِّك؟ أم كيف كان تصويرُ عظامك ولحمك؟ أم كيف كانت حياتُك في ثلاثِ ظُلَمِك؟

ثم رَزَقك، وأنت صبيٌّ لا تَعقِل، ثم علَّمكَ ما لم تَعلَم، وأنعَمَ عليك بما


(١) في الأصل: "محمد".
(٢) رسمها في الأصل: "غذاك".