للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو حضوره. وهذا القسم هو الحق ليكون معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن رآني في المنام فقد رآني»: مَن رأى صورتي في المنام فقد رأى مثالي الحقّ، كما يدلّ عليه قوله في حديث أبي قتادة: «من رآني فقد رأى الحق».

ويحتمل أن يكون المراد بقوله: «فقد رآني» أنه سيراه يقَظَة يوم القيامة، كما يدل عليه حديث «الصحيحين» (١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثّل الشيطانُ بي».

وبما قرّرْناه يتبيّن أن رؤياه صلى الله عليه وآله وسلم ليست من علم الغيب؛ لأن علم الغيب إنما هو ذاته صلى الله عليه وآله وسلم، فأمّا مثاله الذي يراه النائم فليس غيبًا، بل حاضر مُشاهَد للروح. ومثلُه رؤيا بعض المؤمنين لبعض، فإنها قد تكون حقًّا مع كونها ليست مِن علم الغيب في شيء (٢).

ومع كون رؤيانا له صلى الله عليه وآله وسلم حقًّا، فليس ما رأيناه يقولُه أو يفعلُه أو يُقرّ عليه حجة، واسْتُشْكِل هذا فقيل وقيل، والذي فتح الله به عليَّ هو: أن ذلك القول أو الفعل يحتاج إلى تعبير وتأويل، والتعبير والتأويل يحتمل وجوهًا كثيرة، حتى قد يكون تعبير الشيء ضدّه كما مرّ تمثيله (٣).


(١) البخاري (٦٩٩٣)، ومسلم (٢٢٦٦).
(٢) وضع المؤلف هنا علامة اللحق المعتادة لكنه لم يلحق شيئًا في الورقة.
(٣) (ص ٣٣٢).