للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

" [ل ٥٧/أ] {الْحَمْدُ لِلَّهِ}

ذكر ابن جرير وغيره (١) أن هذا تعليم من الله تعالى لعباده، فكأنه قيل: قولوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}. فعلى المسلم إذا تلا الفاتحة أن يستحضر أنه مع تلاوته كلامَ الله عزَّ وجلَّ متكلمٌ عن نفسه، كما علَّم اللهُ نبيَّه بقوله: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤]، فكان - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: "رب زدني علمًا" (٢). وينوي بضمير المتكلم نفسه. وإذا قالها غيره نوى بضمير المتكلم نفسه.

ولا خلاف بين أهل العلم في هذا. وإنما استشكل بعضهم ثبوت كلمة "قل" في أول الإخلاص والمعوِّذتين في القراءات المتواترة، إذ قد جاء عن بعض الصحابة تركُها، فكانوا يقرؤون: "بسم الله الرحمن الرحيم، هو الله أحد" (٣).

وأجاب الماتريدي بأنَّ "قل" في ذلك أمرٌ لكل أحد (٤)، وعلى هذا فينبغي للتالي أن يستحضر أن كلمة "قل" أمرٌ من الله عزَّ وجلَّ له بقول ما يأتي، ثم يقول: "أعوذ برب الفلق" إلى آخرها عن نفسه.


(١) "تفسير الطبري" ــ شاكر (١/ ١٣٩). وانظر: "معاني القرآن" للنحاس (١/ ٢٣)، و"تفسير البغوي" (١/ ٤) و"القرطبي" (١/ ٢٠٩).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٥١) والترمذي (٣٥٩٩) من حديث أبي هريرة.
(٣) انظر ما سبق في أول رسالة البسملة.
(٤) ومصدر المؤلف: "روح المعاني" للآلوسي (١٥/ ٥١١).