للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لخَّصها، وليست في عبارة أصله.

إنني قد استعجلتُ بهذا الحكم قبل أن أضطَرَّ الناظر في هذه الرسالة إلى مشاركتي فيه، ولكنَّ الخطب سهل.

[ص ١٧] فصل

أنت ترى النصوص المتقدّمة عن ابن مهدي وغيره ليس فيها ذِكْر لجواز العمل بالضعيف ولا استحبابه، وإنما فيه تساهلهم في روايته بشرطه، لكن قد لا يبعد أن يكون النووي رحمه الله رأى تساهلهم في رواية الضعيف في الفضائل دون الأحكام يستلزم جواز العمل به في الفضائل، وإلّا لَمَا كان هناك معنى للفرق، فإن تشدّدهم في رواية ما فيه حُكم إنما هو لعلمهم أنهم إذا لم يُشدّدوا في روايته يُخشَى أن يَعملَ به من يسمعه، وذلك لا يجوز، فتساهلهم في الفضائل يدلّ على أنهم لم يروا محذورًا في أن يعمل بها من يسمعها، وهذا معنى الجواز.

ثم رأى أن العمل المتوقّع من العامة إذا سمعوا الضعيف في الفضائل هو العمل طلبًا للفضل، ومعنى ذلك أنهم يرونه مظنّة لأن يُؤجروا عليه، وعليه فلو كان أولئك الأئمة يرون أن العمل به ليس مظنة للأجر لكانوا يرون العمل به طلبًا للأجر بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، فكيف يقع منهم تساهل يؤدّي إلى إيقاع الناس في الضلالة؟! فتعيّن أنهم كانوا يرون العملَ به مظنَّة للأجر، وهذا هو الاستحباب، فلهذا صرَّح النووي في "الأذكار" (١) بالاستحباب، وكأنه حمل ما صرَّحوا به من أنهم لا يتساهلون في رواية ما فيه حكم أو سنة


(١) (ص ٨).