للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثَمَّ عبارات أخرى لا تخرج عن هذا المعنى، أي التساهل في الأخذ والرواية عن الضعفاء فيما رووه في الفضائل، مما ليس فيه حكم ولا حلال ولا حرام ولا سنة.

وقد لخص ابن الصلاح في "مقدمته" (١) عبارات القوم باحتياطٍ تامٍّ رغمًا عما حُكي عنه من تمحّله أخيرًا لصلاةِ ليلةِ أول جمعة من رجب وأشياء تُشْبهها، كما ذكره أبو شامة في "الباعث" (٢).

وكأنّ ابن الصلاح ــ غفر الله له ــ أراد أن يكون كتابه "المقدمة" أصلًا لأهل الحديث إلى يوم القيامة، فتورّع أن يحْدِث فيه حَدَثًا أو يؤوي محدثًا.

وأما النووي رحمه الله فإنه رغمًا عن إنكاره الصلاةَ المذكورة زاد في "مختصره لمقدمة ابن الصلاح" (٣) زيادةً نابية، وهذه عبارته: "ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد، ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف، والعمل به من غير بيان ضعفه، في غير صفات الله تعالى والأحكام كالحلال والحرام وغيرهما، وذلك [ص ١٦] كالقصص وفضائل الأعمال والمواعظ وغيرها مما لا تعلُّق له بالعقائد والأحكام، والله أعلم".

فقوله: "والعمل به" من زيادته. ولولا أن القول بجواز العمل متواتر عن النووي، نصّ عليه في كثير من كتبه لقلتُ: إن هذه الكلمة ملحقة في عبارته؛ لأنها كما ستعرف مناقضة لما قبلها وما بعدها، ومناقضة للنصوص التي


(١) (ص ١٠٣).
(٢) (ص ١٤٥).
(٣) "التقريب لسنن البشير النذير": (١/ ٣٥٠ - مع شرحه تدريب الراوي).