للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عهدهم بإبراهيم وإسماعيل، ولم يكن فيهم بعدهم إلى ذاك التاريخ نبيٌّ، مع أنَّ اليهود غيَّروا وبدَّلوا مرارًا، رغمًا عن كثرة الأنبياء المتتابعين فيهم. هذا مع تبجُّح بني إسرائيل بأنَّهم أبناء الحُرَّة، وأنَّ بني إسماعيل أبناء أَمَةٍ.

وفي الإصحاح الرَّابع والخمسين، من «سفر أشعياء» (١):

«تَرَنَّمي أيَّتها العاقر التي لم تلد، أشيدي بالترنُّم أيتها التي لم تمخض؛ لأنَّ بني المستوحشة أكثر من بني ذات البعل ... لأنَّك تمتدِّين إلى اليمين وإلى اليسار، ويرث نسلك أُممًا، ويعمِّرُ مُدُنًا خَرِبة، لا تخافي لأنَّك لا تخزين ... بالبر تثبتين بعيدة عن الظُّلْم، فلا تخافين، وعن الارتعاب فلا يدنو منك ... كلُّ آلةٍ صورت ضِدَّك لا تنجح، وكلُّ لسانٍ يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه ... ».

ذكر صاحب «إظهار الحقِّ» (٢) هذه العبارة، ثم قال: «المراد بالعاقر ... مكَّة المعظَّمة ... »، وأطال في ذلك.

وحاصله ــ مع تعديلٍ ــ أنَّ الخطاب هنا لا يصلح أن يكون لمدينة القدس «أورشليم».

أولًا: لأنَّها ليست بعاقر، بل قام بها عددٌ من الأنبياء، بخلاف مكَّة؛ فإنَّه لم يُولَد بها نبيٌّ حتى ذاك العهد، وإنَّما جاء إبراهيم بابنه إسماعيل طفلًا،


(١) من الفقرات: (١، ٣، ٤، ١٤، ١٧) الطَّبعة الحديثة (ص ١٦١٥ - ١٦١٦) بنحو لفظه.

وفيه من التَّغاير في اللَّفظ: في فقرة ١: «فإنَّ بني المهجورة أكثر من بني المتزوِّجة»، وفي فقرة ١٤: «فإنَّك لا تخافين، وعن الدَّمار فإنَّه لا يدنو منك»، وفي فقرة ١٧: «كل سلاحٍ صُنِع عليك لا ينجح، وكلُّ لسانٍ يقوم عليك في القضاء تردِّينه مجرمًا».
(٢) ج ٢ ص ١٤٠، وفي الألفاظ اختلاف لأنَّه نقل من ترجمةٍ أخرى. [المؤلِّف].
وتُنظر الطبعة الجديدة (٤/ ١١٦٠) بتحقيق: الملكاوي.