للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحد هو الذبُّ عن المذهب، والغلوُّ في ذلك إلى الحد الذي يصعب معه تبرئةُ صاحبه من أن يكون ممن اتخذ إلهه هواه، واتخذ الأحبار والرهبان أربابًا من دون الله. والله المستعان.

قال الأستاذ: "ولا نصَّ فيما يُروى عن ابن عمر من القيام من مجلس العقد على أن خيار المجلس من مذهبه، بل قد يكون هذا منه لأجل أن يقطع على من بايعه حقَّ الرجوع، لاحتمال أنه ممن يرى خيار المجلس. وقد خوصم ابن عمر إلى عثمان في البراءة من العيوب، فحمله عثمانُ على خلاف رأيه فيها، فأصبح يرعى الآراء في عقوده".

أقول: قد روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحديث صريحًا في إثبات خيار المجلس كما تقدم. وفي "صحيح البخاري" (١) من طريق يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا ... الحديث، ثم قال نافع: "وكان ابن عمر إذا اشترى شيئًا يُعجِبه فارقَ صاحبَه". وفي "صحيح البخاري" (٢) من طريق الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه: "بعتُ من أمير المؤمنين عثمان ... فلما تبايعنا رجعتُ على عقبي حتى خرجتُ من بيته خشية أن يُرادَّني البيعَ، وكانت السنَّة أن المتبايعين بالخيار حتى يتفرقا ... فلما وجب بيعي وبيعُه رأيتُ أني قد غبنتُه".

فصراحة الحديث نفسه، ثم جعلُه سببًا لمفارقة ابن عمر من يشتري منه ما يُعجِبه، وقوله: [٢/ ٥٧] "وكانت السنة ... "، وقوله: "فلما وجب بيعي وبيعه ... " بغاية الوضوح في بطلان قول الأستاذ: "قد يكون هذا منه ... ".


(١) رقم (٢١٠٧).
(٢) رقم (٢١١٦).