للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن أصرُّوا على التكذيب عذَّبهم الله تعالى كما عذَّب أولئك.

وهذا وإن كان ظاهره مجردَ وعيد فقد تضمَّن حجَّة بيِّنة على صدق محمَّد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أوَّلًا وعلى سقوط شبهتهم ثانيًا.

أما الدلالة على صدق محمَّد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فإنَّ حاله في نفسه وأخلاقِه وما يدعو إليه وما جاء به من الآيات كحال الأنبياء قبله إن لم يزد عليهم لم يَقِلَّ عنهم، وقد بان صدقُ أولئك واعترف المشركون بصدقهم أو أكثرُهم وبأنَّ مَن آمن بهم من قومهم نَجا ومَنْ كذَّبهم هلك، ولا تزال آثار عذاب المكذِّبين ماثلة أمام أعينهم، ذكَّرهم الله تعالى بها في غير موضع. فثبت بهذا أنَّ محمَّدًا صلَّى الله عليه وآله وسلَّم صادق وأنَّ الإيمان به نجاة وتكذيبه هلكة.

وأما سقوط شبهتهم فإنَّ حال أمم الأنبياء [الأولين] (١) عليهم السلام كحال هؤلاء سواء، وكانت [عين هذه الشبهة] (٢) قائمة في حقهم، قالوها أم لم يقولوا، ومع [ذلك أهلكهم الله] (٣) عز وجل باعتراف هؤلاء. فتبيَّن سقوط هذه الشبهة.

[س ١٣٤/أ] وإيضاح هذا أنَّ المشركين كانوا يعترفون بنبوَّة الأنبياء الأوَّلين أو بعضهم، وبأنَّ الله تعالى بعثهم إلى أممٍ ضالَّة ليهدوهم، وأنَّ من كذبهم أو خالفهم ظالم فاجر, مع أنَّ هذه الشبهة قائمة في حقهم؛ إذ يقال: لو شاء الله ما كذَّبوا الأنبياء ولا عادَوْهم ولا قتلُوهم.


(١) غير واضحة في الأصل.
(٢) غير واضحة في الأصل.
(٣) غير واضحة في الأصل.