للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حول إعجاز القرآن]

الحمد لله.

سألني الأخ الفاضل الشيخ سعيد بن عبد الله بامردوف العمودي عما علم من عجز الناس عن الإتيان بمثل القرآن ولو بمقدار أقصر سورة منه؛ كيف نجمع بينه وبين ما علم من حكاية الله عز وجل في القرآن نفسه من كلام العباد، وفيه ما يزيد عن القدر المذكور؟

فأجبت بأجوبة ثم استصوبت منها ما يأتي:

أما ما كان من ذلك عن العجم فلا إشكال فيه؛ إذ لا يخفى أن أصلَ كلامهم بالعجمية، والقرآن ترجمه بالعربية ترجمةً معنوية، كما يدل عليه ذِكْر المقالة الواحدة في موضعين أو أكثر بعبارات تتفق في المعنى فقط. والعلمُ بأن مَن نُسب إليه القول من الخلق أعجميّ قرينة على أن المراد أنه قال ما يتحصَّل منه المعنى.

ولا ريب أنّ مبلِّغًا لو بلّغك عن رجلٍ أعجمي لا يحسن العربية، فقال: يقول كيتَ وكيتَ، وعبّر المبلِّغ بعبارةٍ عربيةٍ، لم تجهل أنتَ أنَّ مراده يقول ما هذا ترجمته، ولا ريب أيضًا أنه لا يمتنع أن تكون الترجمة مشتملة على لطائف بيانية ليست في الأصل بعد المحافظة على أصل المعنى.

وأما ما كان من ذلك عن العرب فهو أيضًا من قبيل الترجمة أو الحكاية بالمعنى. والقرينة على أن المراد ذلك هي أن المخاطَبين الأوَّلين بالقرآن كانوا يعلمون يقينًا أن المنسوب إليه ذلك القول لا يحسن التعبير بمثل هذه العبارة.