للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الراية» من فضل الله سبحانه، وساخطٌ على الحسيني لسعيه في طبع بعض كتب الشافعي، فهو مضطر إلى أن يتجنَّى عليه. ولعلَّنا لو لم ننبِّه على هذا لعدَّنا الأستاذ من الأغبياء الذين لا يفرِّقون بين السخط والرضا. والله المستعان.

الثانية عشرة، والثالثة عشرة (١): قال: «وقوله: الواو للترتيب، والباء للتبعيض، مما لا يعرفه أحد من أئمة اللسان، بل الأُولى للجمع مطلقًا، والثانية للإلصاق».

أقول: جازف في النفي والإثبات. أما النفي فقد نُقل القول بأن الواو للترتيب عن قطرب، والرَّبعي، والفراء، وثعلب، وأبي عمر الزاهد (٢)؛ كما في «المغني» (٣). ونُقل القول بأن الباء تجيء للتبعيض عن الأصمعي، والفارسي، والقُتَبي، وابن مالك، وعن الكوفيين؛ كما في «المغني» (٤) أيضًا.

وأما الإثبات فلم يقل الشافعي قط إنَّ الواو للترتيب ولا إن الباء للتبعيض، ولا ما هو بيِّن في هذا. وإنما بنى في الواو على قاعدة التقديم والتأخير المتفق عليها؛ وهي أن ما يسوغ في أصل التركيب تقديمه وتأخيره لا يقدَّم في الكلام البليغ إلا لنكتة. فإذا قال البليغ: «ادع زيدًا وبكرًا» فلم يقدِّم زيدًا إلا لنكتة. فقد يقال: الأصل تقديم ما حقه أن يقدَّم في الحكم، وإنما يصح تقديم غيره بشرطين: النكتة والقرينة. فمن قدَّم ولا نكتة ولا


(١) (ط): «الحادية عشرة والثانية عشرة» خطأ كما سبق التنبيه عليه في تكرار «العاشرة».
(٢) (ط): «الزاهي» تحريف.
(٣) (٤٦٤).
(٤) (ص ١٤٢).