للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان مع ذلك مستبعدًا، الظاهر عدمه، فلا وجه للحمل على السماع؛ لأن ظهور عدم اللقاء يدافع ظهور الصيغة. وقد يكون الراوي عدَّ ظهورَ عدم اللقاء قرينةً على أنه لم يُرد بالصيغة السماع. وإن احتمل اللقاء احتمالًا لا يترجّح أحدُ طرفيه، فظهور الصيغة لا معارض له. فأما إذا كان وقوع اللقاء ظاهرًا بينًا، فلا محيص عن الحكم بالاتصال، وذلك كمدني روى عن عمر، ولم يُعلم لقاؤه له نصًّا، لكنه ثبت أنه ولد قبل وفاة عمر بخمس عشرة سنة مثلًا، فإن الغالب الواضح أن يكون قد شهد خطبة عمر في المسجد مرارًا.

فأما إذا كان الأمر أقوى من هذا، كرواية قيس بن سعد المكي عن عمرو بن دينار، فإنه يُحكم باللقاء حتمًا. والحكم به في ذلك أثبت بكثير من الحكم به لشاميٍّ روى عن يمانٍ، لمجرّد أنه وقع في رواية واحدة التصريح بالسماع. وانظر ما يأتي في الفقهيّات في مسألة القضاء بالشاهد واليمين (١).

المبحث الثالث: لا يكفي احتمال المعاصرة، لكن إذا كان الشيخ غير مسمًّى، ففي كلامهم ما يدلّ على أنه يحكم بالاتصال. وذلك فيما إذا جاءت الرواية عن فلان التابعي "عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. " ونحو ذلك. راجع "فتح المغيث" (ص ٦٢) (٢).

والفرق بين التسمية والإبهام: أن ظاهر الصيغة السماع. والثقةُ إذا استعملها في غير السماع ينصب قرينة، فالمدلّس يعتدّ بأنه قد عُرِف منه


(١) (٢/ ٢٥٣).
(٢) (١/ ١٧٨).