للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢/ ٤٦] المسألة السادسة

درهم وجوزة بدرهمين

في "تاريخ بغداد" (١٣/ ٤١٢ [٤٣٩]) عن خالد بن يزيد بن أبي مالك قال: "أحلَّ أبو حنيفة الزنا، وأحلَّ الربا ... أما تحليل الربا فقال: درهم وجوزة بدرهمين نسيئةً لا بأس به ... ".

قال الأستاذ (ص ١٤٥): "فرية بلا مرية، لأنها على خلاف المدوَّن في مذهبه، وأبو حنيفة من أشد الفقهاء في النسيئة".

أقول: إن صح كلام الأستاذ، فقد يكون أبو حنيفة قال قولًا ثم رجع عنه. وقد يكون خالد رأى أنَّ إجازة ذلك نقدًا تستلزم إجازةَ نحوه نسيئةً كما يأتي. وبيان ذلك أن من فروع تلك القاعدة: صاع تمر ودرهم نقدًا (١) بخمسة آصُع من تمر نقدًا. يعتل الحنفية في إجازة ذلك بأنه في معنى بيعتين جائزتين: صاع بصاع نقدًا، وأربعة آصُع بدرهم نقدًا. فيقال لهم: فكذلك صاعُ تمر ودرهمٌ نقدًا بخمسة آصُع أحدها نقدٌ والباقي نيسئة، إذ يمكن أن يقال: هو في معنى بيعتين جائزتين: صاع بصاع نقدًا، وأربعة آصع نسيئة بدرهم نقدًا. فإن التزموا ذلك جاء ربا النسيئة. وإن قالوا: لا نجيزه، إذ قد يقصدان الربا كأن يكون عند رجل تمر جيد وعند آخر صاع تمر رديء لا يسدُّ حاجته، فيحتالان بتلك البيعة قاصدَين صاعًا بدرهم نقدًا، وصاعًا نقدًا بأربعة آصُع نسيئة. قلنا: فكذلك النقد قد يقصدان صاعًا بدرهم نقدًا، وصاعًا بأربعة آصع نقدًا. فالأستاذ تبرأ من ربا، فوقع في ربا.


(١) في المطبوع: "نقد".