فإن قيل: فقد أدركنا بعض الصفات، مثل أنه سبحانه قادر عليم حكيم، فما المانع من أن يقال لمنكر البعث مثلًا: أتؤمن بالله؟ فيقول: نعم. فيقال له: كيف هو؟ أقادر أم عاجز؟
قلت: هذا السؤال لا يليق بهذا الباب، وحسبك أن تقول:"أليس بقادر"! ونحو ذلك.
والمقصود هنا إنما هو تنبيهك على أن منع الكيف لا يستلزم نفيه، وأن نفيه قد لا يستلزم نفي الصفة، فإن استلزم ذلك فهو ــ أعني نفي الكيف ــ باطل. فافهم.
[ص ٤٨] المسألة الثالثة: أين؟
لو أخبر إنسان بوجود موجود، فقيل له: أين هو؟ فقال: في بلد كذا، أو: في البحر، أو: في الهواء، أو: في السماء، أو: فوق السماء، أو: فوق كل شيء حيث لا يكون فوقه شيء يُحَسّ، لكان في مُتعارَفِ الناس قد أجاب عن السؤال، فقَصْرُ المكان على ما دون الأخير اصطلاح موجبٌ للمُغَالطة، فليتنبَّه له.
ثم اعلم أن النُّظَّار بعد أن اتفقوا على أن الله تبارك وتعالى موجود قائم بذاته اختلفوا، فقال أكثرهم: ليس هو في مكان، فلا هو فوق ولا تحت، ولا خارج العالم ولا داخله.
وقال آخرون: إنه لا يعقل موجود بهذه الصفة، بل ما كان كذلك (١) فهو