للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأسكنه بها.

ثانيًا: لأنَّ في العبارة مقابلة بين اثنتين، متوحِّشة ــ وفي «إظهار الحق»: وحشيَّة (١) ــ وغيرها، ولم تكن أورشليم وحشيَّة، بخلاف مكَّة.

وفي «إظهار الحق» (٢): «وقع في حقِّ إسماعيل في وعد الله هاجر: هذا سيكون إنسانًا وحشيًّا» (٣).

ثالثًا: لأنَّ بقيَّة الأوصاف، من الأمن وتسلُّط النسل على أُمَمٍ، ودحر القاصد بالسُّوء = كلُّ هذا لا نصيب فيه لأورشليم، وهو حاصلٌ لمكَّة قطعًا. وكان أشعيا قريبًا من أرميا، فكما ذكر أرميا بني قيدار بن إسماعيل، وبيَّن فضلهم على بني إسرائيل فكذلك ذكر أشعيا مكَّة وبيَّن فضلها على أورشليم.

وصاحب «إظهار الحق» حَمَل المتوحِّشة أو الوحشيَّة على هاجَر، وذات البعل على سارة (٤).

والأشبه بالسِّياق أنَّ الأُولى: مكة، والثانية: أورشليم.

هذا وإنَّ بني قيدار استمرُّوا على الثَّبات على الدِّين الخالص بعد أرميا بضعة قرون؛ فقد تضافرت الأحاديث الصَّحيحة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ أوَّل مَن غيَّر دين إبراهيم، ودعا إلى عبادة الأصنام ــ يعني: بمكَّة وحواليها ــ عمرو بن عامر بن لُحَيٍّ.


(١) وفي الطَّبعة الحديثة (ص ١٦١٥) فقرة ١: «المهجورة».
(٢) (٤/ ١١٦٠) ت: الملكاوي.
(٣) وفي الطبعة الجديدة منه (في سفر التَّكوين ١٦/ ١٢، ص ٩١): «ويكون حمارًا وحشيًّا»!
(٤) المصدر السابق.