للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حجة أخرى: قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: ١٠٥].

وواضح أن قوله: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} معناه: بما عرَّفكه وفهَّمكه من الكتاب (١).

وقد قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٧٩].

ونعت الله سبحانه التوراة بقوله: {تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: ١٥٤، الأعراف: ١٤٥]، ثم أنزل القرآن مهيمنًا على ما قبله.

وقال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: ٥٩].

وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥].

[ص ٢] وكل من له حظٌّ من العلم، يعلم أنه لا يمكن العالمَ أن يعرف من القرآن وحده، أو منه ومن السنن المتواترة جميع الأحكام التي يحتاج إليها الناس فيما يشجر بينهم، ويختلفون فيه، ويريدون العمل به.

وعُلِم كذلك أن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - خاتم الأنبياء، وشريعتهُ خالدةٌ إلى يوم القيامة، وأن الله تعالى لا يُخلِي الأرضَ عن الحجة (٢). وقد قال تعالى:


(١) انظر: "تفسير القرطبي" (٥/ ٣٢١).
(٢) يريد علماء أهل السنة من قولهم: إن الله لا يُخلي الأرض عن الحجة، أو عن القائم لله بالحجة: أهلَ الحق القائمين بكتاب الله، ولا يخلو منهم زمان كما ورد في أحاديث الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، وتجديد أمر الدين على رأس كل مئة عام، خلافًا لما يدعيه أهل البدع من الرافضة وغيرهم. "فتح الباري" (٦/ ٤٩٤)، "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (٢٥/ ١٣٠)، "إعلام الموقعين" (٢/ ٢٧٦).