للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمخالفة خبرها عنده للكتاب والسنة، فأما الكتاب فإنه قول الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} [أول سورة الطلاق]. وهذا يعم المبتوتة، وإن نُوزِع في العموم.

وأما السنة فلا ندري أي سنة كانت عند عمر، فقد يكون كانت عنده سنة يراها نصًّا في وجوب السكنى للمبتوتة، وقوَّاها عموم الكتاب عنده. وإذا كان كذلك، رد خبرها لمعارضته لما هو عنده أقوى منه.

وقد استدل بعض الحنفية بالقصة على أن مذهب عمر أن خبر الواحد لا يخصص القرآن.

وإنما يقوى هذا لو لم يقل عمر: "وسنة نبينا".

[ص ٦٧] وأما قصة ابن عباس فلم يردَّ الحديث بمجرد الرأي، كما يتوهم. وقد قال محمد بن عمرو بن عطاء: كنت مع ابن عباس في بيت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في المسجد، فجعل يعجب ممن يزعم أن الوضوء مما مست النار، ويضرب فيه الأمثال، ويقول: إنا نستحم بالماء المسخن، ونتوضأ به، وندهن بالدهن المطبوخ، وذكر أشياء مما يصيب الناس مما قد مست النار، ثم قال: لقد رأيتني في هذا البيت عند رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وقد توضأ، ثم لبس ثيابه، فجاءه المؤذن، فخرج إلى الصلاة، حتى إذا كان في الحجرة خارجًا من البيت لقيتْه هديةُ عضوٍ من شاة، فأكل منها لقمة أو لقمتين، ثم صلى وما مسَّ ماء".

هكذا ساقه البيهقي في "السنن" (١/ ١٥٣). وأصله في "صحيح