بأنّ إجابة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بل ومخاطبته لا تُبطِل، لأنّهم قد كانوا يقولون في التشهد:«السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته» وهو حيٌّ حاضرٌ.
وأقول: ولو سُلِّم أن خطابه كغيره فلا نُسلِّم أنهم غير معذورين، فإنّهم قد يكونون يظنُّون أن السلام والتحوّل عن القبلة والكلام مُبطِل للصلاة، وأنّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سيستأنف لهم الصلاة، فهم يظنون أنّهم ليسوا حالَ الكلامِ باقين في حكم الصلاة. لكن حديث معاوية بن حُدَيج ــ المتقدم ذكره ــ فيه خطاب طلحة له - صلى الله عليه وآله وسلم -[ ... ](١) من هذا الاحتمال بعض الضعف؛ لأنَّ إسلام معاوية قبل موت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بشهرين، والراجح تأخُّر قضيّته عن قضيّة ذي اليدين، والظاهر أنَّ طلحة كان قد علم أن السهو لا يقطع الصلاة. وإن كان هذان الوجهان ضعيفين فيبقى الجواب الأول، وهو أنّ خطابه عليه الصلاة والسلام لا يُبطِل.
وأمّا الخطأ ــ ومنه واقعتنا الحاضرة ــ فهو بالجهل أشبهُ منه بالنسيان؛ لأنّ علّة من أبطل بالنسيان أن للمصلي حالةً تُذكّره من أفعال الصلاة وأقوالها، وهذا غير موجود في الجهل.
وقد قدَّر أصحابنا الكلام الذي لا يُبطِل سهوه بستِّ كلماتٍ أخذًا من حديث ذي اليدين، وحجّتهم أنّ ظاهر النصِّ والقياس إبطال الكلام مطلقًا كما هو مذهب الحنفية، وقد مرّ توجيهه وما فيه. فلمّا ورد النصُّ بخلاف ذلك لزِمَ قصْرُه حيث ورد. وهذا مثل قولهم في المدة التي لا يجوز للمسافر أن يقصر فيها إذا مكث بمنزلٍ ولم ينوِ إقامةَ أربعةِ أيام كواملَ، لأن ظاهر