للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث: «يقيم المهاجر [بمكة] بعد قضاء نسكه ثلاثًا» ــ متفق عليه ــ (١) على أن الثلاث لا تقطع السفر، وأفهمَ أنّ الأربعة تقطعه، ويلحق نيّةَ الإقامة الإقامةُ بالفعلِ. وحديث «الصحيحين» (٢) عن أنس في القصر، وفيه: قال: «أقمنا بها عشرًا» أي بمكة، قالوا: العشر بمكة وضواحيها، والتي بمكة نفسها أربعة أيام.

فلما رُدَّ بإقامته - صلى الله عليه وآله وسلم - ثمانية عشر يومًا يقصُر، حملوه على أنه لم يَنْوِ ذلك، بل كان متردّدًا متى [ ... ] (٣) داع الحاجة يرحل.

وقد يقال عليه: إن المسافر لا يسلب اسم السفر حتى يرجعَ إلى أهله، أو يستوطنَ بلدًا آخر، أو يقيمَ فيه مدةً تسلُبه اسمَ السفر عُرفًا، والأدلةُ علَّقتِ القصرَ باسم السفر، فما دام اسمُ السفر موجودًا فالقصر مشروع.

وأمّا دليلا الأربعة أيام فلم يدلاّ على سلب اسم السفر [ ... ] (٤)، أنّ الأول يدلُّ على أنّ الأربعة أيام ترفع حكم السفر؛ لأنّ المهاجر حُرِّم عليه طولُ المكث بمكة لحكمةٍ أخرى.

وأمّا حديث أنس فلا دليلَ فيه، لأنّه من جملة وقائع الأحوال، ثم عثرت على كلام لابن القيم، وفي هذا خلافٌ طويل بين السلف، وكذا في مسافة القصر، والظاهر أنها ما يسمّى سفرًا للآية وهي على إطلاقها. ثم السفر ليس


(١) البخاري (٣٩٣٣) ومسلم (١٣٥٢) ــ واللفظ له ــ من حديث العلاء بن الحضرمي.
(٢) البخاري (١٠٨١) ومسلم (٦٩٣).
(٣) هنا كلمة غير مقروءة.
(٤) هنا كلمة غير واضحة ولعلها: سُلِّم.