للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ١٩] وهذه الحيلة إنما حدثت في القرون المتأخرة، وأنكرها العلماء، وقد اطلعتُ على كلام المتأخرين من الفقهاء فيها. فأما الشافعية فقالوا: إذا وقعت المواطأة والشرط، ثم وقع العقد بصفة البيع، ولا ذكر للشرط في عقده، فالشرط السابق لغوٌ، والبيع صحيح نافذ. وإن كان الشرط بعد انعقاد العقد ولزومه فالبيع صحيح نافذ، والشرط وعدٌ، للمشتري أن يفي به وأن لا يفي. ولو كان الشرط بصيغة نذر من المشتري لزمه الوفاء به، وإن وقع الشرط في صلب العقد بطل البيع، ومن الشرط أن يقال: بيع عهدة، أو بيع وفاء، أو نحوه.

ولكن بعض فقهاء حضرموت أفتوا بصحة البيع والشرط.

قال في "القلائد" (١): "بيع العهدة المعروف بجهة حضرموت وغيرها، وهو أن يتفق المتبايعان أن البائع متى أراد رجوع المبيع إليه أتى بمثل الثمن المعقود به، وفَسَخ البيع، أو يُفسَخ عليه، رضي المشتري أم لا. وكذا إن اتفقا أنه إن أراد فكَّ البعض فله ذلك، كما صرَّح به بعض الفقهاء، وهو فاسد إن وقع الشرط في نفس العقد أو بعده في زمن الخيار، وسيأتي في الخيار أن مذهب أحمد وغيره جواز شرطه لأحد العاقدين مطلقًا، وأنه يتأبد له وهو مقتضٍ لصحة ما فعلاه هنا، ولزومِه عندهم، فإن وقع قبل العقد بالمواطأة ثم عقدا مُضمِرَين ذلك فهو وعد لايلزم على مذهب الشافعي رحمه الله تعالى، ولكن رأى جماعة من أهل العلم تنفيذه بناء على وجوب الوفاء بالوعد، كما هو مذهب مالك رحمه الله تعالى وغيره، وأقاموا ذلك مقام الحقوق اللازمة


(١) "قلائد الخرائد" لباقشير الحضرمي (١/ ٣١٧).