للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١/ ٧٨] ٩ - مباحث في الاتصال والانقطاع

المبحث الأول: في رواية الرجل بصيغة محتملة للسماع عمن عاصره، ولم يثبت لقاؤه له.

ذكر مسلم في مقدمة "صحيحه" (١) عن بعض أهل عصره: أنه شَرَط أن يثبت لقاء الراوي للمروي عنه ولو مرة، فإن لم يثبت لم يُحكم لما يرويه عنه بالاتصال. وذكروا أن الذي شَرَط ذلك هو البخاري وشيخه عليُّ بن المديني (٢). وحكى مسلم إجماعَ أهل العلم سَلَفًا وخَلَفًا على الاكتفاء بالمعاصرة وعدم التدليس، وألزم مخالفَه أن لا يَحكم بالاتصال فيما لم يصرِّح فيه الراوي بالسماع، وإن ثبت اللقاء في الجملة، ولم يكن الراوي مدلسًا.

وتوضيح هذا الإلزام: أنه كما أن الراوي الذي [لم] (٣) يُعرَف ويشتهر بالإرسال عمن عاصره ولم يلقه قد يقع له شيء من ذلك، فكذلك الراوي الذي لم يُعرَفْ ويشتهِرْ بالإرسال عمن لقيه وسمع منه قد يقع له شيء من ذلك. فإن كان ذلك الوقوع يوجب التوقف عن الحكم بالاتصال في الأول، فلْيوجِبْه في الثاني. وإن لم يوجبه في الثاني فلا يوجبه في الأول.

أجاب النووي (٤) بما إيضاحه: أن رواية غير المدلس بتلك الصيغة عمن


(١) (١/ ٢٨ - ٣٥).
(٢) انظر "الإكمال": (١/ ١٦٤) للقاضي عياض. وعنه نقله غالب من بَعْده.
(٣) سقطت من (ط).
(٤) في "شرح مسلم": (١/ ١٢٨).