الله عز وجل بقوله:{يَكْذِبُونَ}[١٠] ما هو أعمُّ من ذلك، وقد تقدم في وصفهم:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا}[٩]، وهذا مجمل= اقتضت الحكمة أن يفصل
كذبهم ومخادعتهم، خصوصًا والسورة مدنية، وفتنة المنافقين بالمدينة، وذلك يقتضي الإفاضة في شأنهم.
فبيَّن الله عز وجل كذبهم ومخادعتهم، وأفاض في شأنهم إلى تمام عشرين آية من السورة (١١ - ٢٠).
ثم وجَّه الله عز وجل الخطاب إلى عامة الناس ــ الشامل للثلاث الفرق ــ بالأمر بعبادته، أي: وحده، كما يدل عليه السياق، ونبهنا على حكمة عدم التصريح به في الفوائد (١).
وبيَّن مقتضيات إفراده بالعبادة في آيتي (٢١ - ٢٢)، ثم قال:{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا .. }[٢٣ - ٢٤]. وهذا مع اتصاله بما قبله مرتبط بأول السورة: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [١ - ٢].
[٣/أ] وهذا من عجائب القرآن: تجد السورة كالشجرة لها أصل ولها فروع، فإذا طال فرع من الفروع، وانتهى منه، وأراد الشروع في فرعٍ آخر= لم يكتف بالرجوع إلى الأصل، بل يربط أول الفرع الثاني بآخر الفرع الأول؛ فيكون الارتباط من جهتين.
ولما جاء في آية (٢٤): {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}، وكان فيه تفصيل لما أجمل سابقًا من عذاب الكفار والمنافقين