والثاني: لأنه في الطرف الآخر من الأقسام، والمنافق مذبذب، كما تقول:"طويل، وقصير، ومتوسط".
فبيَّن تعالى صفة الكافر في آيتين (٦ - ٧) ختمهما ببيان عقوبتهم إجمالًا، وهو قوله:{وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[٧].
ثم عقَّبه بذكر المنافقين، فذكر وصفهم في ثلاث آيات (٨ - ١٠) ذكر في آخرها عقوبتهم إجمالًا، وهو قوله:{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[١٠].
وخُصَّ الأولون بـ {عَظِيمٌ} لعظمة ذنبهم ظاهرًا لمجاهرتهم. والمنافقون بـ {أَلِيمٌ} لأنّ كفرهم غير عظيم في الصورة، ولكنه أشد ضررًا وإيذاءً، [٢/ب] وذلك يناسب الإيلام.
ولما كان من المنافقين ذنبان: أحدهما الكفر الذي هو التكذيب، وثانيهما: الكذب= بيَّن الله تعالى أنهم يستحقون على كل منهما عذابًا أليمًا. فنبَّه على الأول بقوله:{بِمَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ} على قراءة من قرأ بالتشديد، وعلى الثاني بقوله:{بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}[١٠] على قراءة من قرأ بالتخفيف (١).
ولما كان كذبهم لم يتقدم منه إلا قولهم:{آمَنَّا بِاللَّهِ}[٨]، وقد أراد
(١) قرأ الكوفيون من السبعة بالتخفيف، والباقون منهم بالتشديد. انظر: "الإقناع" في القراءات السبع (٥٩٧).