للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالثة: مناسبة اسم الجمرة. قال: " .... الجمرة: اسم لجماعة مستقلّة لم تنضمَّ إلى أحد من القبائل، لاعتمادها على قوتها وبأسها. فعلى هذا نقول: إن جيش أبرهة كانت أولى بهذا الاسم، فإنها جاءت مخالفة لجميع العرب، ولم تنضمّ إلى أحد من القبائل، والجمرات عند منى لما كانت علامة لهم سُمِّيت بذلك الاسم" (١).

الرابعة: أنه روي أن العرب رجموا قبر أبي رِغال، لأنه كان دليل أصحاب الفيل. قال: "فهذا نظير رجم أصحاب الفيل، وحمل الأمور على النظائر أولى. وإنما تُرِك رَجمُ قبر أبي رِغال لأن الإسلام ترفّع عن رجم القبور ... " (٢).

قال عبد الرحمن: كلام المعلِّم رحمه الله تعالى في توجيه هذه الأمارات مبسوط، فمن شاء فليراجعه في رسالته، وإنما لخصت ما لا بدَّ منه، ودونك الجواب:

أما الأمارة الأولى: فهي أمارة ضعيفة، لا تصلح لبناء هذا الأمر العظيم المخالف للحجج الواضحة، على أنَّ في بيت نفيل ــ إن صح بلفظ: "لدى جنب المحصَّب"، وأن المراد بالمحصّب موضع رمي الجمار ــ ما يهدم هذه الأمارة. فإنه قاله في واقعة الفيل، إذ كان شاهدها، [ص ٧٣] فأطلق حينئذٍ على موضع الجمرات اسم المحصب، والمحصَّب في الأصل مأخوذ من التحصيب، إما اسم مكان، أي المكان الذي يحصَّب فيه، وإما اسم مفعول، أي المكان الذي يحصّب. والتحصيب في المكان هو الحصب المتكرر فيه،


(١) تفسير سورة الفيل (٣٩).
(٢) تفسير سورة الفيل (٤٠).