للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: ذاك خبر اضطرب فيه ابن إسحاق أشدَّ اضطراب، وابن إسحاق في حفظه شيء، وجاءت أدلة تقضي بأنه من قول عطاء، لا من روايته عن ابن عباس، كما تقدم تفصيلُه في المسألة السابقة. وليس الأمر هاهنا كذلك، ولا قريبًا من ذلك. وقد تجتمع عدة أمور يقدح مجموعها في صحة الحديث، ومنها ما لو انفرد لم يَضُرَّ.

وأما مخالفته لظاهر القرآن ــ كما قد يشير إليه صنيع البخاري في «صحيحه» (١) ــ فكم من حديث صححه هو وغيره، وهو مخالف لظاهر القرآن، كحديث المنع من الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها (٢)، وحديث النهي عن أكل كل ذي ناب أو مخلب (٣)، وحديث النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية (٤)، وغير ذلك. وكم من دلالة ظاهرة من القرآن خالفها الحنفية أنفسهم، وقد تقدَّم شيءٌ من ذلك في المسألة الثانية عشرة. وذكر ابن حجر في «الفتح» (٥) أمثلة من ذلك، وبسط الشافعي الكلام في «الأم» (ج ٧ ص ٦ - ٣١) (٦). ومع ذلك فمخالفةُ حديث القضاء بشاهد ويمين لظاهر القرآن مدفوعةٌ، كما ستراه.


(١) (٥/ ٢٨٠ مع «الفتح»).
(٢) أخرجه البخاري (٥١٠٩) ومسلم (١٤٠٨) من حديث أبي هريرة.
(٣) أخرجه البخاري (٥٥٣٠) ومسلم (١٩٣٢) من حديث أبي ثعلبة الخشني. وأخرجه مسلم (١٩٣٤) من حديث ابن عباس.
(٤) أخرجه البخاري (٥٥٢١) ومسلم عقب (١٩٣٦) من حديث ابن عمر. وفي الباب أحاديث أخرى في الصحيحين وغيرهما.
(٥) (٥/ ٢٨١، ٢٨٢).
(٦) (٨/ ٣٦ - ٨٣).