قال الله تبارك وتعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} إلى أن قال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} إلى أن قال: {ذَلِكُمْ [٢/ ١٤٩] أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} إلى أن قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٢ - ٢٨٣].
إن قيل: أمر الله تعالى أن يُستشهد عند المداينة رجلان, فإن لم يكونا فرجل وامرأتان؛ فدل ذلك على أنه لا يثبت الحق عند التداعي عند الحاكم إلا بذلك.
فالجواب: إن أردتم أنه لا يثبت مطلقًا إلا بذلك، فهذا باطل؛ إذ قد يثبت الحق بالاعتراف، وبالنكول فقط عند الحنفية، ومع يمين المدعي عندنا. وإن أردتم أنه لا يثبت بشهادة إلا كذلك، فهذا لا يفيدكم؛ فإن الحديث إنما أثبته بالشاهد واليمين، لا بالشاهد وحده.
فإن قيل: لو كان يثبت بشاهد ويمين لما كان بالأمر برجلين أو رجل وامرأتين فائدة.
قلنا: بلى، له فوائد عظيمة:
الأولى: ما نصت عليه الآية: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا}[البقرة: ٢٨٢]، وهذا كما يحصل بالكتابة مع أن الحق لا يثبت بالكتاب وحده، فكذلك يحصل بالشهادة التامة. فإن القضاء بشهادة تامة