للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها الحنفية الشهرة، ويحتجون بها على خلاف القرآن والسنن المتواترة.

وأما قول الأستاذ: «مع عدم ظهور دلالته على المتنازع فيه»، فيشير به إلى تأويلات أصحابه. فمنها زعمُ بعضهم في حديث مسلم: «قضى بيمين وشاهد» أن المعنى قضى بيمين حيث لا شاهدين، وقضى بشاهد حيث وجد الشهود، والمراد بـ (شاهد) الجنس. وهذا التأويل كما ترى!

أولًا: لأنه خلاف الظاهر.

ثانيًا: لأنه يجعل الكلام لا فائدة له، فإنه لا يخفى على أحد أنه يُقضى باليمين حيث لا بينة، ويقضى بالشاهدين حيث وُجدا.

ثالثًا: حَمْلُ «شاهد» على الجنس، ثم إخراج الواحد منه لا يخفى حاله.

[٢/ ١٥٩] رابعًا: هذا اللفظ رواية زيد بن الحباب عن سيف. وقد رواه عبد الله بن الحارث بن عبد الملك المخزومي عن سيف، فقال: «قضى باليمين مع الشاهد». رواه الإمامان الشافعي وأحمد عن عبد الله بن الحارث، كما في «الأم» (ج ٦ ص ٢٧٣) (١) و «مسند أحمد» (ج ١ ص ٣٢٣) (٢). وزاد في رواية الشافعي: «قال عمرو: في الأموال». وفي رواية أحمد: «قال عمرو: إنما ذاك في الأموال».

وعبد الله بن الحارث كأنه أثبت من زيد بن الحباب، فإن زيدًا قد وُصِف بأنه يخطئ، ولم يُوصَف بذلك عبد الله، وكلاهما ثقتان من رجال


(١) (٧/ ٦٢٤، ٦٢٥) ط. دار الوفاء.
(٢) رقم (٢٩٦٨). وأخرجه أيضًا النسائي في «الكبرى» (٥٩٦٧) وابن ماجه (٢٣٧٠) بهذا الإسناد واللفظ.