وبعضها ألحق بذلك الهدية عند الوفاء إذا كان بأرضٍ [يكون] الربا فيها فاشيًا، وبينّا أن الوجه في ذلك هو اتهام المستقرض بأنه إنما أهدى تلك المرة ترغيبًا للمقرِض في أن يُقرِضه مرةً أخرى، وهذه التهمة إنما تقوى عند فُشوِّ الربا. وبعضها بيَّن أن في معنى الزيادة كل منفعة لها قدْرٌ، كركوب الدابة ونحوه.
وبعضها أطلق أن كل قرض جرَّ منفعةً فهو ربا.
وهو محمول على ما عدا ما صحت به السنة من الأمر بحسن القضاء، فإمَّا أن يقال: هو عام مخصوص، وإما أن يقال: إنه لا يتناول حسنَ القضاء، لأن قوله «جرَّ» يُشعِر بأنه اجتلبها قسْرًا، فإنَّ الجرّ يَقْسِر المجرور على المجيء، والقرض إنما يَقْسِر المنفعة على المجيء إذا كانت مشروطة أو في قوة المشروطة. فأما الشكر الذي يتبرع به المستقرض فلم يَقْسِره القرض، لأن المقرض لم يطلبه. وكون القرض باعثًا عليه في الجملة لا يكفي لأن يقال: إنه جرَّه مع مراعاة حقيقة المعنى، لأن القرض لم يستقلَّ بالبعث، بل لم يلحظ فيه ذلك. وإنما الباعث الحقيقي هو إرادة المستقرض الشكرَ وهو غير مُلْجَأٍ إليه ولا مُطالَب به.
وصاحب الاستفتاء يحاول دفع هذه الآثار لمجرد ما في بعضها من مخالفةٍ ما لأحاديث حسن القضاء، وهذا الدفع خارج عن سبيل العلم والعلماء. قال: «على أن الفقهاء لم يتمسَّكوا بهذا الحديث والأثر من لدن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى زماننا هذا، ولم يُفتوا بحرمة أمثال هذه المنافع مطلقًا، بل اتفقوا على أنه لا يكون ربًا إلا أن تكون مشروطةً في العقد، وهذا خلاف ما دلت عليه هذه الآثار والأحاديث الواردة في هذا الباب على ما فيها، لأنها