للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأشار إلى حديث: «خَلَق الله التربةَ الخ» وقد تقدم (ص ١٣٥ - ١٣٨) (١)، وإلى حديث أبي ذر في شأن الشمس وقد مرَّ (ص ١٦٥) (٢) ويأتي (ص ٢١٣) (٣).

وقال: (لو انتقدت الروايات من جهة فحوى متنها كما تُنتقد من جهة سندها لقضت المتون على كثير من الأسانيد بالنقض).

أقول: هذه دعوى إجمالية، والعبرة بالنظر في الجزئيات، فقد عرفنا من محاولي النقد أنهم كثيرًا ما يدَّعون القطع حيث لا قطع، ويدَّعون قطعًا يُكذِّبه القرآن، ويقيمون الاستبعاد مقام القطع مع أن الاستبعاد كثيرًا ما ينشأ عن جهل بالدين، وجهل بطبيعته، وجهل بما كان عليه الحال في العهد النبوي. وكثيرًا ما يسيئون فهم النصوص.

وقال ص ٣٠٣: (وقد تعرَّض كثير من أئمة الحديث للنقد من جهة المتن إلا أن ذلك قليل جدًّا بالنسبة لما تعرَّضوا له من النقد من جهة الإسناد).

أقول: مَنْ تتبَّع كتبَ تواريخ رجال الحديث وتراجمهم وكتب العلل وجد كثيرًا من الأحاديث يطلق الأئمة عليها: «حديث منكر. باطل. شِبْه الموضوع. موضوع». وكثيرًا ما يقولون في الراوي: «يُحدِّث بالمناكير. صاحب مناكير. عنده مناكير. منكر الحديث». ومن أَنعمَ النظر وجد أكثر ذلك من جهة المعنى. ولما كان الأئمة قد راعوا في توثيق الرواة النظرَ في أحاديثهم والطعن فيمن جاء بمنكر= صار الغالب أن لا يوجد حديث منكر


(١) (ص ٢٦٠ ــ ٢٦٧).
(٢) (ص ٣١٦).
(٣) (ص ٤٠٢ ــ ٤٠٥).