للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يتوقّف كون الخضوع أو الطاعة شركًا على فساد الاعتقاد في التأثير؛ فإن من اعتقد أن الملائكة والجنّ قد ينفعون بني آدم بإذن الله تعالى وقد يضرّونهم بإذن الله تعالى مصيب في اعتقاده، ولكنه إن خضع للملائكة خضوعًا لم يأذن به الله تعالى يكون مشركًا. وكذلك إن خضع للجنِّ أو أطاعهم قائلًا: إنما أخضع لهم لكي ينفعوني إذا أذن لهم الله تعالى في نفعي ولكي لا يضرُّوني إذا أذن الله تعالى لهم في ضري، بل من عمد إلى شجرة فزعم أن التمسُّح بها ينفع عند الله عزَّ وجلَّ يكون مشركًا مع أنه لم يعتقد للشجرة تأثيرًا أصلًا، ولو اشتهرت شجرة بأنها تُعبد ثم جاء إنسان إليها فصنع كما يصنع عابدوها لكان مشركًا، وإن زعم أنه لم يعتقد أن عبادتها تقرِّب إلى الله تعالى.

[٦٩٣] حكم السحر وتعليمه وتعلمه

أما إذا كان في السحر عبادة لغير الله تعالى، أو كذب عليه عزَّ وجلَّ، أو تكذيب بآياته, فلا شبهة في التكفير، وربما لا يخلو السحر عن ذلك، ولكن لاشتباه معنى العبادة كثيرًا مَّا يخفى الشرك. وهذا مصداق ما جاء في الحديث عنه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: «أيها الناس اتقوا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل» الحديث (١).

وقد تقدَّم في الأعذار بشواهده (٢).

وتعليمه وتعلُّمه إن كانا بمباشرة الشرك أو مع اعتقاد الكفر فكلاهما


(١) مسند أحمد ٤/ ٤٠٣. [المؤلف]
(٢) انظر ص ١٤٣.