وحاصله الاستدلال بأن الخروج إنما هو رخصة قبل اتخاذ الأخلية في البيوت، فلا ينبغي للمرأة التي في بيتها خلاء أن تخرج.
نعم قد يقال: إذا كان البخاري إنما أخذ الاستثناء من حديث ابن عمر، فقد كان ينبغي له أن يذكره في تلك الترجمة، أو يشير إليه.
وبالجملة، فمن المحتمل أن البخاري إنما أخذ الاستثناء من حديث ابن عمر، ولم يلتفت إلى هذا الاعتراض الصناعي، ومن المحتمل أن يكون جوَّز دلالة قوله في الحديث:"إذا أتى أحدكم الغائط" على الاستثناء المذكور [ص ١٠] ببول أو استدباره بغائط؛ لأنه لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها.
وقوله:"ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا" محمولٌ إما على موضع الاشتباه، وإما على أن المراد: انحرِفُوا إلى جهة الشرق، أو إلى جهة الغرب، وذلك الانحراف يحصل بمثل انحراف من بالمدينة إذا استقبل بيت المقدس تمامًا، وإما على أنه ترغيب في الاحتياط، وليس على الوجوب، والصارف ما تقدم من أن المحذور هو استقبال نفس القبلة أو استدبارها، وإما على أنه مقيد بعدم المشقة، كما يشير إليه قول الله عز وجل:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}. وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"(١). وذلك الموضع الذي كان في بيته - صلى الله عليه وآله وسلم - مما يشق فيه التشريق والتغريب تمامًا؛ إما لأن البقعة ضيقة، لا يتيسر وضع المرحاض فيها إلا على تلك الهيئة، وإما لأنه بُنِي قبل النهي؛ وكان في تغييره كلفة.
(١) أخرجه البخاري (٧٢٨٨) ومسلم (١٣٣٧) عن أبي هريرة.