للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن له أصلًا وإن كان بعض المحدّثين بل أكثرهم ينكرونه، وبعضهم يدّعون أنه موضوع. وربما كان هذا من أثر التعصب. ورواةُ الحديث أكثرهم علماء وهم من خير الأمم فلا يليق بحالهم الاختلاق على النبي عليه الصلاة والسلام ... ".

ولا أدري أأقول: هذا مبلغ علم العيني، أم مبلغ تعصّبه؟ وقد سعى الأستاذ في تأييد كلام العيني، وسيأتي الكلام في ذلك في ترجمة محمد بن سعيد البورقي (١) إن شاء الله تعالى.

والذي تفنن في طرق تلك الفرية هو يونس بن طاهر النضري الملقب شيخ الإسلام. ومن جملة رواياته ما ذكر الموفق في "مناقبه" (ج ١ ص ١٦) من طريق النضري بسنده: "رأى أبو حنيفة في المنام ... فارتحل إلى البصرة، فسأل محمد بن سيرين عن هذه الرؤيا، فقال: لستُ بصاحب هذه الرؤيا، صاحب هذه الرؤيا أبو حنيفة. فقال: أنا أبو حنيفة. فقال: اكشف عن ظهرك. فكشف، فرأى بين كتفيه خالًا، فقال له محمد بن سيرين: أنت أبو حنيفة الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يخرج في أمتي رجلٌ يقال له أبو حنيفة، بين كتفيه خال، يُحيي الله على يديه السنة". ولا يخفى ما في ذكر الخال بين الكتفين من المضارعة لخاتم النبوة.

فالأستاذ ــ عافانا الله وإياه ــ يأخذ روايات الحنفية في مناقب أبي حنيفة كأنها مسلَّمة، بل يصرّح بأنها متواترة، ويتجلّد حقّ التجلّد، فيدافع عن أحمد بن محمد بن الصّلْت، كما سيأتي في ترجمته إن شاء الله تعالى (٢).


(١) من هذا الكتاب رقم (٢٠٧).
(٢) رقم (٣٤).