باتفاق .. بل حديث إباحة لبس الخفين ... مخرج في «مسانيد أبي حنيفة». ففي «مسند أبي محمد البخاري الحارثي» عن أبي سعيد بن جعفر، عن أحمد بن سعيد الثقفي، عن المغيرة بن عبد الله، عن [١/ ٢٤٩] أبي حنيفة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس .... فهذا الحديث بهذا السند يردُّ على من يقول: إنه لم يبلغه حديث في هذا الباب ... فينهار بهذا البيان جميعُ تلك المزاعم ... هكذا يفضح الله الأفَّاكين».
أقول: داود وثَّقه ابن معين. وقال أبو داود:«ثقة شبه الضعيف، بلغني عن يحيى فيه كلام أنه يوثِّقه». وبهذا يُعلم ما في قول الأستاذ:«متروك باتفاق»، وإن كان الصواب ما عليه الجمهور أن داود ساقط. ومع ردِّ الأستاذ ذاك الخبرَ هنا، فقد احتج به (ص ٧٤) إذ قال: «وأبو حنيفة الذي يقول: لعن الله من يخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ــ كما في «الانتقاء» لابن عبد البر (ص ١٤١) ــ كيف يخالف حديثًا صحَّ عن الرسول عليه الصلاة والسلام؟ ومن زعم ذلك فقد أبعَدَ في البَهْتِ، نسأل الله الصون». وقوله:«لعن الله ... ». قطعة من خبر داود الذي ردَّه الأستاذ هنا.
وغرض الأستاذ في الموضعين واحد، وهو ردُّ الروايات القوية. فإنه احتج به في (ص ٧٤) على ردِّ روايات قوية متعددة، وختم بقوله:«نسأل الله الصون»! وردَّه (ص ٩٤) ليردَّ روايات قوية، ثم احتج على الردِّ بما هو أسْقَط من خبر داود، وهو خبر الحارثي بذاك الإسناد. والحارثي قد أشرتُ إليه في «الطليعة» ص ٦٤ ويأتي له ذكر في ترجمة علي بن جرير.
وترجمة الحارثي في «لسان الميزان»(ج ١ ص ٢٧)(١) وفيها: «قال ابن
(١) كذا وقعت هذه الإحالة في (ط)، وهي خطأ قطعًا، وصواب الإحالة على الطبعة التي يعزو إليها المؤلف هو (٣/ ٣٤٨). وفي الطبعة المحققة (٤/ ٥٨٠).