للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالث

أين وضع إبراهيم المقامَ أخيرًا؟

تقدّم في الفصل السّابق من حديث عثمان رضي الله عنه: "فجعله لاصقًا بالبيت".

ومن حديث ابن عبّاس: "فكان يقوم عليه ويبني، ويُحوِّلُهُ في نواحي البيت حتى انتهى إلى وجه البيت".

وقد ظهر أنّ منشأ مزيّته وحصول الآية فيه ــ وهي أثرُ قدمَيْ إبراهيم ــ هو قيامه عليه لبناء البيت.

فالظاهر أن يكون إبراهيم أبقاه إلى جانب البيت في ذلك الموضع الظاهر ــ وهو عن يَمْنة الباب ــ لتُشاهَد الآية، ويُعرَف تعلُّقه بالبيت.

وجاء عن بعض الصحابة ــ وهو نوفل بن معاوية الدّيليّ رضي الله عنه أنّه رآه في عهد عبد المطلب ملصقًا بالبيت (١). وسنده ضعيف.

ويأتي بيان أنّ ذلك في الموضع المسامت له الآن.

وإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - له هناك، يصلي هو وأصحابه خلفه بدون بيان أنّ له موضعًا آخر: يدلُّ على أنّ ذلك هو موضعه الأصليّ.

ولم أجد ما يخالف هذا من السنّة والآثار الثابتة عن الصحابة، ولا ما هو صريحٌ في خلافه من أقوال التابعين.

إلاّ أنّ المحبّ الطبري قال في "القِرى" (ص ٣٠٩): قال مالك في


(١) أخرجه الفاكهي (١/ ٤٤٢) والأزرقي (٢/ ٣٠).