للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"المدونة": كان المقام في عهد إبراهيم عليه السلام في مكانه اليوم، وكان أهل الجاهلية ألصقوه إلى البيت خيفة السّيل، فكان ذلك في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر رضي الله عنه، فلمّا ولي عمر رضي الله عنه ردّه بعد أن قاس موضعه بخيوط قديمة قِيسَ بها، حتّى أخَّروه، وعمر هو الذي نصب معالم الحرم بعد أن بحث عن ذلك".

هذا آخر كلامه في "المدونة" فيما نقله صاحب "التهذيب مختصر المدونة". ولم أجد أصل ذلك الكلام في مظنّته من "المدونة" المطبوعة.

ثم قال المحبُّ: "وقال الفقيه سَنَد بن عنان المالكي في كتابه المترجم بـ "الطّراز" ــ وهو شرحٌ لـ "المدونة" ــ: وروى أشهب عن مالك قال: سمعتُ من يقول من أهل العلم: إنّ إبراهيم عليه السلام أقام هذا المقام، وقد كان ملصقًا بالبيت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر رضي الله عنه وقبل ذلك، وإنّما أُلصِقَ إليه لمكان السيل؛ مخافة أن يذهب به، فلمّا ولي عمر رضي الله عنه أخرج خيوطًا كانت في خزانة الكعبة، وقد كانوا قاسوا بها ما بين موضعه وبين البيت في الجاهلية، إذ قدّموه مخافة السيل، فقاسه عمر، وأخّره إلى موضعه اليوم، قال مالك: والذي حمل عمر ... ".

إنّ بين سند بن عنان وبين أشهب نحو ثلاث مائة سنة. فإن صحَّ عن مالك فهذا الذي أخبره بالحكاية لم يذكر مستنده، ولا أحسبه استند إلَّا إلى حكاية مجملة وقعت له عن تحويل عمر رضي الله عنه للمقام، وما جرى بعد ذلك، فقال ما قال.

وسيأتي ــ إن شاء الله ــ تحقيق تلك القضية بما يتّضح به أن ليس فيها دلالةٌ على ما ذكر.