للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَأن أتحَفَّظه وأدعو به أسْلَم لي من أن أُنشئ دعاءً لنفسي أو أتَلَقّف دعاءً من غيري ممن هو قريب منّي.

ولسنا نشكّ أن العاميَّ في ذلك الزمان لم يكن ليقدِّم مثل هذا الدعاء على الأدعية التي أخبر بثبوتها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يتحرَّاه كما يتحرّاها، ويواظب عليه كما يواظب عليها.

فقد تبيَّن بحمد الله عز وجل أنه ليس في النصوص المتقدّمة مُتَمَسَّك لما ذهب إليه النووي وموافقوه، بل إنها تدلّ على خلاف ما قالوه، والله أعلم.

[ص ٣٢] فصل

هذا التشديد والتساهل المرويّ عن ابن مهدي ومن معه ليس إجماعًا، فإن من الأئمة من كان يشدّد مطلقًا فلا يروي إلا عن ثقة، وفي "كفاية الخطيب" آثار من ذلك؛ ففيها "باب ما جاء أن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يُقبل إلا عن ثقة"، "ذم الرواية عن غير الأثبات" (١)، "باب السماع من الأُمناء وكراهة النقل والرواية عن الضعفاء" (٢)، "باب كراهة الرواية عن أهل المجون والخلاعة" (٣). ونَقَل في هذه الأبواب عن الأئمة نصوصًا توافقها.


(١) "الكفاية" (ص ٣١ - ٣٤).
(٢) (ص ١٣٢) وفيها: "باب في اختيار السماع ... ".
(٣) (ص ١٥٦ - ١٥٨).